فصل: (سورة الزخرف: الآيات 40- 45):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} {نحن} مبتدأ وجملة {قسمنا} خبر و{بينهم} ظرف متعلق بقسمنا و{معيشتهم} مفعول به و{في الحياة الدنيا} متعلقان بمحذوف حال.
{وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} الواو حرف عطف و{رفعنا} فعل وفاعل و{بعضهم} مفعول به و{فوق بعض} ظرف متعلق برفعنا و{درجات} تمييز واللام للتعليل وقيل للصيرورة أو العاقبة ويتخذ فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام و{بعضهم} فاعل و{بعضا} مفعول به أول و{سخريا} مفعول به ثان ويترتب على هذا ما أفصح عنه الخازن بقوله: يعني أنّا لو سوّينا بينهم في كل الأحوال لم يخدم أحد أحدا ولم يصر أحد منهم مسخرا لغيره وحينئذ يفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد حال الدنيا.
{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} الواو عاطفة أو حالية و{رحمة ربك} مبتدأ و{خير} خبر و{مما} متعلقان بيجمعون وجملة {يجمعون} صلة {ما}.

.البلاغة:

في مجيء الإضراب بقوله تعالى: {بل متّعت هؤلاء} الآية، وجعل الغاية للتمتع مجيء الحق نكتة بديعة لأنه ليس المقصود من الإضراب رد الكلام السابق ولكن المقصود هو التأكيد والاستمرار ليبيّن أنهم شغلوا عمّا جاءهم من الحق إذ لا مناسبة بين مجيء الحق والتمتيع، والمعنى أنهم شغلوا عن شكر المنعم فإنهم بدلا من أن ينصاعوا إلى الحق ويأخذوا بأسبابه، ويعكفوا عليه واستجلاء آلائه جاءوا بما هو شر من غفلتهم التي كانوا عليها.

.الفوائد:

1- المراد بالكلمة الباقية في عقب إبراهيم صلوات اللّه عليه كلمة التوحيد التي تكلم بها وهي قوله: {إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني}.
2- المراد بالقريتين مكة والطائف والمراد بالرجلين الوليد بن المغيرة المخزومي بمكة وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف لأن الرجل الشريف عندهم وحسب معتقداتهم السخيفة هو الذي يكون كثير المال والجاه ومحمد ليس كذلك فليست الرسالة لائقة به.
3- رسمت التاء مفتوحة في قوله: {ورحمة ربك} في المصحف كما رسمت في الأعراف والروم وهود والبقرة.

.[سورة الزخرف: الآيات 33- 39]:

{وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوابًا وَسُرُرًا عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذا جاءَنا قال يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (39)}.

.اللغة:

{سُقُفًا} في القاموس: السقف للبيت كالسقيف والجمع سقوف وسقف بضمتين. وعن الفراء جمع سقيفة وقرئ {سقوفا} جمعا على فعول نحو كعب وكعوب.
{وَمَعارِجَ} جمع معرج بفتح الميم وكسرها وسمّيت المصاعد من الدرج معارج لأن المشي عليها مثل مشي الأعرج.
{وَزُخْرُفًا} الزخرف الذهب والزينة، وقال ابن زيد: هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث، وقال الحسن: النقوش وأصله الزينة يقال زخرفت الدار أي زينتها وتزخرف فلان أي تزين، وأوردت معاجم اللغة معاني عديدة للزخرف منها الذهب وحسن الشيء وزخرف الكلام أباطيله المموّهة وزخرف الأرض ألوان بناتها والجمع زخارف.
{يَعْشُ} في القاموس: العشا مقصور سوء البصر في الليل والنهار والعمى عشا كرضي ودعا وفي المختار وعشا عنه أعرض وبابه عدا ومنه قوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن} قلت وفسره بعضهم في الآية بضعف البصر وقال أبو الهيثم والأزهري: عشوت إلى كذا أي قصدته وعشوت عن كذا أي أعرضت عنه فيفرّق بين إلى وعن مثل ملت إليه وملت عنه.
{نُقَيِّضْ} نسبب ونقدّر يقال قيّض اللّه له كذا: قدّره له وقيض اللّه فلانا لفلان: جاءه به.

.الإعراب:

{وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً} الواو استئنافية و{لولا} حرف امتناع لوجود وأن وما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ محذوف الخبر و{الناس} اسم {يكون} و{أمة} خبرها و{واحدة} صفة ومعنى كونهم أمة واحدة اجتماعهم على أمر واحد، وأريد به هنا الكفر بقرينة الجواب كما سيأتي.
{لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ} اللام رابطة للجواب وجعلنا فعل وفاعل و{لمن} في موضع المفعول الثاني وجملة {يكفر} صلة لمن و{بالرحمن} متعلقان بيكفر و{لبيوتهم} بدل اشتمال من {لمن يكفر} بإعادة الجار و{سقفا} مفعول جعلنا الأول و{من فضة} صفة لسقفا {ومعارج} عطف على {سقفا} و{عليها} متعلقان بيظهرون و{يظهرون} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والجملة صفة لمعارج.
{وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوابًا وَسُرُرًا عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ} عطف على ما تقدم وتكرر لفظ البيوت لزيادة التقرير ولك أن تقدّر مقدرا لتنصب {أبوابا وسررا} فيكون من عطف الجمل.
{وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} {وزخرفا} عطف أيضا على {سررا} أو مفعول به لفعل محذوف أي وجعلنا لهم زخرفا وعطفه الزمخشري على محل {من فضة} كأنه قال سقفا من فضة وذهب أي بعضها كذا وبعضها كذا والواو عاطفة و{إن} نافية و{كل ذلك} مبتدأ و{لما} بالتشديد بمعنى إلا و{متاع الحياة الدنيا} خبر وقرئ بتخفيف {لما} فإن عندئذ مخففة من الثقيلة مهملة واللام الفارقة وما زائدة.
{وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} الواو حالية و{الآخرة} مبتدأ و{عند ربك} ظرف متعلق بمحذوف حال و{للمتقين} متعلقان بمحذوف خبر الآخرة وفي هذا تقرير واف على أن العظيم حقا هو العظيم في الآخرة لا في الدنيا.
{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} كلام مستأنف مسوق لسرد مآل المعرضين عن ذكر اللّه وقيل هو متصل بقوله أول بالسورة {أفنضرب عنكم الذكر صفحا}، {ومن} اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ و{يعش} فعل الشرط و{عن ذكر الرحمن} متعلقان بيعش و{نقيض} جواب الشرط وجملتا الشرط والجزاء خبر من و{له} متعلقان بنقيض و{شيطانا} مفعول به لنقيض والفاء حرف عطف وهو مبتدأ وله حال لأنه كان في الأصل صفة لقرين وتقدمت عليه و{قرين} خبر.
{وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} الواو عاطفة وإن واسمها واللام المزحلقة وجملة {يصدّونهم} خبر إن و{عن السبيل} متعلقان بيصدّونهم.
{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} الواو حالية أو عاطفة و{يحسبون} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وأن واسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولي {يحسبون} وسيأتي سرّ الجمع في باب البلاغة. {حَتَّى إِذا جاءَنا قال يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} {حتى} حرف غاية وجر و{إذا} ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط وجملة {جاءنا} في محل جر بإضافة الظرف إليها وفاعل {جاءنا} يعود على العاشي المأخوذ من يعش الآنف وجملة {قال} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{يا} حرف تنبيه أو حرف نداء والمنادى محذوف ظاهر التقدير و{ليت} حرف تمن ونصب و{بيني} ظرف متعلق بمحذوف خبرها المقدم {وبينك} عطف على {بيني} و{بعد المشرقين} اسم ليست المؤخر وسيأتي معنى {المشرقين} في باب البلاغة. {فَبِئْسَ الْقَرِينُ} الفاء الفصيحة وبئس فعل ماض جازم لإنشاء الذم و{القرين} فاعل بئس والمخصوص بالذم محذوف تقديره أنت.
{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} كلام مستأنف مسوق لبسط ما يقال لهم في الآخرة و{لن} حرف نفي ونصب واستقبال و{ينفعكم} فعل مضارع منصوب بلن و{اليوم} ظرف متعلق بينفعكم و{إذ} ظرف لما مضى من الزمن بدل من اليوم ولا يقال إن {إذ} للمضي و{اليوم} للحال فلا يجوز البدل لأن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم اللّه وعلمه فكأن {إذ} مستقبلة وكأن اليوم ماض، قال ابن جنّي في مساءلته أبا علي: راجعت فيها مرارا وآخر ما حصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم اللّه وعلمه.
وجملة {ظلمتم} في محل جر بإضافة الظرف إليها وأن وما بعدها في تأويل مصدر فاعل {ينفعكم} أي لن ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الاشتراك في مصائب الدنيا حيث يتأسى المصاب بمثله وقيل الفاعل مستتر تقديره تمنّيكم وهو المدلول عليه بقوله: {يا ليت بيني وبينه} أي لن ينفعكم تمنّيكم البعد ويؤيد إضمار الفاعل قراءة {إنكم} بالكسر فإنه استئناف يفيد التعليل إما بالفتح فأن وما بعدها في موضع نصب بنزع الخافض أي لأنكم والجار والمجرور متعلقان بينفعكم و{في العذاب} متعلقان بمشتركون و{مشتركون} خبر إن.

.البلاغة:

1- النكرة الواقعة في سياق الشرط: في قوله: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا} الآية نكتة بديعة وهي أن النكرة الواقعة في سياق الشرط تفيد العموم ولذلك أعاد عليه الضمير مجموعا في قوله: {وإنهم ليصدّونهم} والثاني الواو في قوله: {ويحسبون} والثالث الهاء في قوله: {إنهم}.
أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي أن قريشا قالت قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد اللّه فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللّات والعزّى قال أبو بكر: وما اللات؟ قال: أولاد اللّه، قال: وما العزّى؟ قال: بنات اللّه، قال أبو بكر فمن أمهم؟ فسكت طلحة ولم يجبه فقال لأصحابه: أجيبوا الرجل فسكت القوم. فقال طلحة: قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه فأنزل اللّه: {ومن يعش عن ذكر الرحمن} الآية.
2- وفي هذه الآية أيضا من التنكيت وهو أن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسدّ مسدّه لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه على سواه، فإن لقائل أن يقول لأي نكتة عدل عن لفظ الحقيقة فلم يقل: ومن يعرض عن ذكر الرحمن فاستعار لفظة العشا للضلال فنقول: النكتة في ذلك أن لفظ الاستعارة موفّ بالمعنى المراد بخلاف لفظ الحقيقة فإن الإعراض إعراضان: إعراض يرجى بعده الإقبال لأن المعرض متمكّن من الإقبال وذلك إعراض المؤمن المعتقد أحسن معتقد فيعرض له من الملاذّ التي تستغرق فكره وتشغل قلبه وعقله شغلا بتلك اللذة أو ضدها أو غيرها من أمور الدنيا فيعرض عن الذكر في تلك الحالة فمصاحبة الشيطان لذلك غير دائمة لأنه يمكن أن يؤوب إلى اللّه سبحانه ويتوب عن ذلك فيقبل على ما كان أعرض عنه من الذكر الذي عرف قديما طريقه واهتدى إلى سبيله وربي عليه أو لأجل عناية إلهية اقتضتها سابقة أزلية تجذبه إليه وإعراض ضلال عن طريق الرشد وسبيل الخير حتى لو قدّرنا أنه أراد الإقبال على الخير لمنعته منه سابقة الضلال والشقوة التي غلبت عليه، والمراد بالإعراض في الآية إعراض الضلال لا إعراض الغفلة فلا جرم أنه حسن استعارة العشا للضلال فيها وهذا المعرض هو الذي يقيض له مقارنة الشيطان أين كان وحيث كان وبذلك يتبين موضع النكتة التي رجّحت العدول عن لفظ الحقيقة إلى لفظ الاستعارة.
3- التغليب: وفي قوله: {بعد المشرقين} فن التغليب وهو شائع في كلامهم يغلبون الشيء على ما لغيره وذلك بأن يطلق اسمه على الآخر ويثنى بهذا الاعتبار لتناسب بينهما واختلاط فمثال التغليب للتناسب قولهم الأبوين للأب والأم ومنه قوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس} والمشرقين والمغربين والخافقين وهو محل الخفوق أي الغروب من خفق النجم أي غرب والقمرين في الشمس والقمر قال أبو الطيب:
نشرت ثلاث ذوائب من شعرها ** في ليلة فأرت ليالي أربعا

واستقبلت قمر السما بوجهها فأرتني القمرين في وقت معا. أي الشمس وهو وجهها وقمر السماء، والقمران في العرف الشمس والقمر، وقيل إن منه قول الفرزدق:
أخذنا بآفاق السماء عليكم ** لنا قمراها والنجوم الطوالع

وقيل إنما أراد محمدا والخليل عليهما الصلاة والسلام لأن نسبه يمتّ إليها، وقالوا العمرين في أبي بكر وعمر وقيل المراد عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز فلا تغليب، وأما الأول ففيه تغليب غلبوا الأخف وقيل لطول عمره، وقالوا العجاجين في رؤبة والعجاج، والمروتين في الصفا والمروة، ومثال التغليب للاختلاط قوله تعالى: {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} فإن الاختلاط حاصل في العموم السابق في قوله: {كل دابة} ثم فصله فيما بعد وفي من يمشي على رجلين في عبارة التفصيل فإنه يضم الإنسان والطائر وقوله تعالى: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} لأن لعل متعلقة بخلقكم لا باعبدوا لئلا يلزم تعليل الشيء بنفسه أي اعبدوا لأجل التقوى والتقوى هي العبادة وغلبوا المذكر على المؤنث حتى عدت منهم في قوله تعالى: {وكانت من القانتين} أي مريم وعدت من الذكور حيث جعلت بمثابتهم في التعبير بلفظ يخصّ به الذكور في أصل الوضع ولو لم يغلب لقال: من القانتات.

.الفوائد:

الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر في صحيح الترمذي: عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» وعن سهل بن سعد قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء».

.[سورة الزخرف: الآيات 40- 45]:

{أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (44) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)}.

.الإعراب:

{أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} كلام مستأنف مسوق لتسليته صلى الله عليه وسلم أي إن هؤلاء صم فلا يمكنك إسماعهم وعمي فلا يمكنك هدايتهم، والهمزة للاستفهام الإنكاري التعجبي والفاء عاطفة على محذوف مقدر وأنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ وجملة {تسمع} خبر و{الصمّ} مفعول به واو حرف عطف وجملة {تهدي العمي} عطف على {تسمع الصمّ}.
{وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الواو عاطفة و{من} اسم موصول معطوف على {العمي} وجملة {كان} صلة من واسم كان ضمير مستتر تقديره هو و{في ضلال} خبر {كان} و{مبين} صفة.
{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} الفاء عاطفة وإن شرطية أدغمت نونها في ما الزائدة. و{نذهبن} فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وهو في محل جزم فعل الشرط و{بك} متعلقان بنذهبنّ، {فإنّا}: الفاء رابطة لجواب الشرط وإن واسمها و{منهم} متعلقان بمنتقمون و{منتقمون} خبر إن وجملة {فإنّا} في محل جزم جواب الشرط.